وباء الكورونا (COVID-19) وآثاره القانونية

وباء الكورونا (COVID-19) وآثاره القانونية

وباء الكورونا (COVID-19) وآثاره القانونية

مصطفى موسى · ٢٦ آذار ٢٠٢٠

يفتك فيروس كورونا بمئات الأشخاص يوميا حول العالم ، منذ تسجيل الحالة الاولى له في جمهورية الصين الشعبية ، والذي انتقل منها الى باقي دول العالم ومنها جمهورية ايران الاسلامية.
 
وبسبب الموقع الجغرافي القريب من إيران والتقارب الديني والمذهبي بين البلدين وكذلك التبادل التجاري ما بين جمهوريتي العراق وإيران من جهة والعراق والصين من جهة اخرى ، فقد انتقلت العدوى الى الاراضي العراقية  وسجلت اولى حالات الاصابة بمرض الكورونا في جمهورية العراق بتاريخ ٢٥-٢-٢٠٢٠ ، لتعلن بعد ذلك منظمة الصحة العالمية التابعة لمنظمة الامم المتحدة ان الاصابة بفيروس كورونا قد أصبحت وباء عالميا يستلزم اتخاذ إجراءات من كافة الحكومات للسيطرة والقضاء عليه.

 

وقد شرعت السلطات العراقية متمثلة بالسلطة التنفيذية والتشريعية والقضائية باتخاذ عدد من الإجراءات الوقائية منها قيام مجلس الوزراء العراقي بتشكيل لجنة لإدارة الازمة بموجب الأمر الصادر من الامانة العامة لمجلس الوزراء بالعدد ٥٥ لسنة ٢٠٢٠ ، والحاقها بعدد من الاوامر الديوانية لدعم عمل هذه اللجنة منها الأمر بالعدد ٦٥ لسنة ٢٠٢٠ ، ومساهمة مجلس النواب العراقي بإرفاد لجنة إدارة الأزمة بعدد من نوابه وأعضاء لجنة الصحة النيابية .

 

مما حدا بمجلس القضاء الاعلى هو الاخر الى تعزيز وشرعنة إجراءات السلطة التنفيذية للوقاية من هذا المرض تضمنت تأجيل كافة المرافعات والإجراءات في كافة المحاكم إلى مواعيد اخرى لتقليل الاختلاط بين فئات.

 
من جانب آخر ، ما هو مصير التعاملات التجارية والعقود والمشاريع الاستثمارية ؟


يرى الفقه القانوني المشرع حول العالم بأن القوة القاهرة هي حدث خارجي غير متوقع لا يمكن مقاومته وخارج ارادة الاطراف المتعاقدة ، يلزم الطرفان بتعديل الالتزامات التعاقدية بينهما حيث لا يمكن تكليف أحد الطرفين بمستحيل لأن العقد هو شريعة المتعاقدين.
حيث يتوجب في وجود القوة القاهرة تعديل الالتزامات العقدية أو إنهائها عملا بتطبيقات هذه النظرية ، وفي كل الأحوال فإن الالتزامات العقدية تبقى نافذة لحين صدور قرار المحكمة المختصة او السلطات في الحكومة أن العقد قد اختل تنفيذه بسبب وجود قوة قاهرة خارجة عن إرادة الطرفين.

 

 مثال ذلك قيام السلطات العراقية بتعاملها مع المشاريع الاستثمارية والعقود التي يتم تنفيذها خلال فترة دخول تنظيمات داعش الارهابية الى الاراضي العراقية حيث استحال على المتعاقدين تنفيذ التزاماتها مما جعل السلطات ملزمة إلى إعلان تلك الفترة التي دخلت بها عصابات داعش الى العراق قوة قاهرة ، وهذا كان اتجاه القضاء أيضا بإعفاء المدين من الالتزامات التي ترتبت بذمته خلال تلك الفترة باعتبارها قوة قاهرة جعلت تنفيذ الالتزام مستحيلا .

 

اما بخصوص التعاقدات خلال فترة اجتياح وباء كورونا، فقد بادرت السلطات العراقية متمثلة بخلية الازمة الى انه بتاريخ ٢٣-٢-٢٠٢٠ فترة اجتياح الوباء هي فترة قوة قاهرة بالنسبة للعقود و الالتزامات التعاقدية للفترة من ٢٠-٢-٢٠٢٠ ولحين إعلان انتهاء فترة القوة القاهرة ، مما يجوز للمتعاقدين خلال هذه الفترة إيقاف تنفيذ العقد أو حتى إنهاءه فيما يتعلق بالتنفيذ خلال الفترة المحددة من قبل خلية الأزمة.

علما أن إعلان السلطات أو تدخل القضاء بإعلان القوة القاهرة هي لمصلحة طرفي الالتزام القانوني والمدين بشكل خاص ، فلا يجوز تكليف الشخص بالمستحيل .