يرجع تاريخ المدفوعات الإلكترونية الى عام 1967 عندما أستعملت وحدة الصراف الآلي لأول مرة في العالم في الولايات المتحدة الأمريكية ، حيث كانت حينها تحل محل موظفي البنك في عملية سحب العملات النقدية ، وكانت ضمن نظام مملوك للبنك نفسه فقط ولا يمكن ربطه مع البنوك الأخرى حينذاك . وعندما تزايد حجم العمليات التجارية وأزدادت الحاجة الى تلك الوحدات الآلية ؛ وحدت البنوك المسؤولة عن وحدات الصراف الآلي أنظمتها ، فشملت جميع الولايات الأمريكية ومن ثم دول العالم لتصل لما عليه اليوم (1).
إن نظام المدفوعات الإلكترونية هي الشكل الحديث للتداول النقدي (2) ، فذلك النظام هو أداة تقدم خدمة الدفع النقدي بوسائل الكترونية (3)، ولها تأثير ايجابي على سوق رأس المال فالمدفوعات الإلكترونية تساعد على زيادة التراكم الرأسمالي وبالتالي زيادة نمو الإقتصاد ، كما إن نظامها يعمل على زيادة القدرة التنظيمية للأفراد والمؤسسات ويخفف أزمة السيولة النقدية لديها ، بل إنه يقضي على مشكلة الأوراق النقدية المزورة ويحمي المتعاملين به من بعض الخسائر والتي قد تكون كبيرة يسببها خطأ أحد موظفي البنوك(4) ، ويقع على عاتق البنك المركزي و البنوك الأخرى توعية العملاء والمواطنين بإعتماد نظام المدفوعات الإلكترونية كوسيلة سريعة وأمينة تتصف بالكفاءة (5).
إن هذا النظام وسيلة لتأسيس إقتصاد رقمي يمتلك أسس تكنولوجية (6) ، وعليه يجب أن يراقب من قبل البنك المركزي لتتم السيطرة على السياسة النقدية وحجم وسرعة السيولة النقدية وهذا ما اقرته التشريعات المنظمة لذلك النظام (7)، وهذا ما أدركه البنك المركزي العراقي حيث استمر في تطوير الخدمات المالية والمصرفية المقدمة للمواطنين وفقا للتطور العالمي الذي حصل في نظام المدفوعات الإلكترونية ، فقد أسس نظام الدفع بالتجزئة (IRP)، والدفع بإستخدام الهواتف النقالة( EPM) وأجهزة الصراف الآلي والدفع عن طريق البطاقات المصرفية المحلية ( IRPSI) وقد حققت هذه الأنظمة أرباحا مجزية مقارنة بالأنظمة التقليدية (8) .
ولكن ؛ هل أنظمة المدفوعات الإلكترونية التي أسسها البنك المركزي العراقي كافية لزيادة نمو الإقتصاد الرقمي العراقي مقابل التطور التكنولوجي العالمي الحالي ؟
إن ما وصلت اليه التكنولوجيا اليوم لن يتوقف الى هذا الحد فنحن في عصر الثورة التكنولوجية ، لذلك يجب أن تتعاون البنوك العاملة في العراق مع البنك المركزي العراقي من أجل التوسع في نطاق العمل بنظام المدفوعات الألكترونية ، وهذا ما تم العمل عليه في الأردن الشقيق، حيث أن البنوك العاملة في الأردن دعمت البنك المركزي الأردني عندما أسس نظام الفوترة الإلكترونية (إي فواتيركم) ، وتعاونت ايضا في تسهيل قبول محافظ ( JOMO PAY) ودمجها مع وسائل الدفع الإلكتروني المتعامل بها في الأردن (9). ولابد من الإشارة الى إن نظام الفوترة الإلكترونية (إي فواتيركم) هو نظام دفع إلكتروني مختص بخدمات دفع كافة انواع الفواتير الكترونيا ، والذي يربط من خلاله ربطا مركزيا جميع الجهات مصدرة الفواتير مع كافة البنوك العاملة في الأردن، ويخدم هذا النظام كافة العملاء الذين يمتلكون حسابات بنكية أو حتى الذين لا يملكون تلك الحسابات ، وإنما فقط يطلعون على هذه الفواتير وتفاصيلها التي تغني الإستفسار عنها ومن ثم تسديدها الى الجهات التي أصدرتها ليصل بعد ذلك إشعار بإتمام الدفع (10) .