الطعن بالأحكام الجزائية ضمانة مقررة للمحكوم عليه وكذلك وسيلة لبسط رقابة محكمة القانون - محكمة التمييز أو النقض - على أعمال المحاكم الدنيا ، وقُررت هذه الضمانة للمحكوم عليه والمجنى عليه ، فإذا مارأى أيا منهما ان الحكم. الصادر في دعوى قد أضر به لانه صدر مخالفاً للقانون او شابه خطأ في الاجراءات او بني على خطأ في تقدير الادلة.
وتبسط محكمة القانون رقابتها على الحكم فلها ان تنقضه اذا ما رأت توافر احد الأسباب التي استند عليها الطاعن في طعنه ، وإذا ما رأت أن الحكم قد اضر بالمجنى عليه فلها ان تنقضه وتعيده الى المحكمة التي اصدرته لإجراء المحاكمة مجدداً.
الا ان الملاحظ على قرارات محكمة التمييز الاتحادية الموقرة الصادرة اخيراً أنها بدأت تنقض الحكم وتقضي بتشديد العقوبة على المحكوم عليه ، وهذا يتنافى مع ضمانة لا يضار طاعن بطعنه ، فالمحكوم عليه عندما طعن في قرار الحكم ، فأنه وجد فيه اجحافاً بحقه ، الامر الذي يستلزم عند عدم تحقق هذا الاجحاف ان يصادق على الحكم وتعاد الدعوى الى محكمة الموضوع لاعادة النظر في العقوبة .
ويعد إهمال قاعدة لا يضار طاعن بطعنه هدراً لضمانة من ضمانات المتهم وهي الطعن بالاحكام فقد لوحظ أن اغلب المحكوم عليهم يتحاشون الطعن بأحكام محكمة الموضوع الصادرة بإدانته تجنباً لتشديد العقوبة بحقهم ، كما انه يكون سبباً في عدم بسط رقابة محكمة القانون على الأحكام الصادرة من محكمة الموضوع ، زد على ذلك أن المجنى عليه بدأ يتحاشى الطعن بالأحكام خشية من ان تخفف محكمة القانون العقوبة المفروضة على المحكوم عليه .
هذا كله يفضي بنا الى حالة من هدر حقوق أطراف الدعوى الجزائية عن طريق إهدار ضمانة من الضمانات المهمة وهي ضمانة الطعن بالأحكام الجزائية الصادرة عن محاكم الموضوع .
لذلك فإننا ومن خلال ماذكر اعلاه نتوسم بالقضاء تبني قاعدة لا يضار طاعن بطعنه وتقنينها في قانون أصول المحاكمات الجزائية خصوصاً وان دستور جمهورية العراق قد أعلى من قيمة الحقوق والحريات اذا صح التعبير ومنحها سمواً ورفعه بعدم إيراد أي تعديل ينتقص منها .