احتاج الانسان ومنذ ظهور معالم المجتمع البشري الأول الى وضع قواعد للتعامل وتنظيم الحياة الاجتماعية الخاصة به ، وتبرز اهمية الاحتكام الى تلك القواعد الموضوعة في حالات الازمات والمشاكل الاجتماعية كالجرائم او الخلافات الاسرية والمالية ، وكانت مصادر تلك القواعد مختلفة ومتنوعة منها وضعية ومنها سماوية.
وبمرور الزمان وتبدل المجتمعات ، تطورت الأزمات التي تعصف بالمجتمعات البشرية وزادت تعقيدا مما حدا بالقائمين على إدارة اعمال شؤون الدول الى تطوير القواعد الموضوعة وخلق قواعد قانونية تتصف بصفات العمومية والتجريد تطبق على كل المسائل والحالات التي تواجه استمرار المجتمعات البشرية ، حتى وصلت الى الحالة التي عليها في الوقت الحاضر.
و تطرأ على المجتمعات البشرية مجموعة من الأحداث الطارئة التي تخل بالمنظومة البشرية تعكر صفو الجماعة كالكوارث الطبيعية والحروب والنكبات الاقتصادية ، وتعكس تأثيرها أما من الناحية السياسية او الاقتصادية او الاجتماعية او الثقافية ، وتكون اسباب هذه الازمات اما داخلية او خارجية ، وتكون استجابة الادارات في مختلف دول العالم للأزمات متفاوتة تبعا للنظام الاقتصادي والسياسي والهيكل الاجتماعي والمستوى الثقافي في تلك الدول ، وتسعى الدول في اغلب الحالات الى اتخاذ اجراءات متعددة لمواجهة تلك الازمة وبالتتابع ابتداءا بالتلطيف والاستعداد والمواجهة ثم استعادة النشاط والبناء .وكل ذلك فيما يتعلق بالدعم النفسي والفكري خلال فترة الأزمات ، وهنالك إجراءات مادية تتخذها الدول مثل تشكيل خلية الازمة وغرف إدارة الأزمات والعمليات وتحديد المتطلبات المادية اللازمة الواجب توفيرها لمواجهة الازمة والاستمرار بالعمل لغرض مواجهة الازمة مع ايجاد النصوص التشريعية الملائمة وتبويبها بشكل صحيح لحكم آثار الازمة .
وتكون المعالجة التشريعية للأزمات بإجراءات وقائية تسبق الازمات وإجراءات وحلول لاحقة وقوع الأزمات ، واورد المشرع العراقي في مختلف مستويات القواعد القانونية والدستورية نصوصا وقائية تسبق او تمنع بعض الحالات السلبية اثناء الازمات منها ما أورده المشرع في قانون العقوبات العراقي بمعاقبة الممتنع عن اغاثة الملهوف وكذلك عوقب الموظف او المكلف بخدمة عامة الممتنع عن أداء واجبه أثناء الأزمات والكوارث .
ومعالجات تشريعية بعد حصول الأزمات كمعالجة القانون المدني العراقي للوضع القانوني للالتزامات التعاقدية بعد وقوع القوة القاهرة والظروف الطارئة وإيجاد النصوص المناسبة لتلك الالتزامات ، ويمر بلدنا العراق حاليا بمجموعة من الأزمات الداخلية والخارجية تواجه المجتمع منها جائحة كورونا covid-19 وهبوط أسعار النفط عالميا والعجز المالي الحاصل في الموازنة العامة للحكومة مع صعوبة تسديد القروض الداخلية والخارجية وصعوبة الحصول على العملة الصعبة كذلك .
وتقتضي هذه الازمات معالجة تشريعية سريعة وحاسمة تقلل او تمحي آثار هذه الازمات من المجتمع العراقي مرورا بالسياقات التشريعية الصحيحة .