يمر العالم اليوم بواحدة من أصعب التحديات التي تهدد حياة الشعوب ، تلك الجائحة التي لم تقف أمام خطرها اكبر الإمكانيات الطبية والاقتصادية والمالية في العالم ومن وربما كانت هي الأخطر منذ نصف قرن من الزمن حتى أضحت إمكانيات الدول العظمى شبه عاجزة عن مواجهتها اذ اصابت الاقتصاد قبل الصحة فهدد اقتصاديات ناهضة ولها تطور في مجال الطب والآن يزداد خطورة إذا ما قورن بالدول الأضعف طبيا واقتصاديا.
ويقينا ان مواجهة هذا التحدي اضحى يهدد حياة الملايين من البشر يستوجب تكاتف الجهود والا ستكون الخسائر فادحة لا سيما وهي تحصد الارواح اولآ والتوازن الاقتصادي للدول والأشخاص ثانيآ.
كورونا أو ما يسمى بجائحة ( كوفيد – ١٩ ) صنف بالوباء العالمي وفق ما جاء بإعلان منظمة الصحة العالمية في ١١ مارس ٢٠٢٠ ودعت جميع الدول والشعوب بالمبادرة والاحتياط لسرعة انتشاره.
ان اخذ الاحتياطات يختلف من بلد الى اخر الا ان الدول اجتمعت في فرض حظر التجول ومنع السلطات للأشخاص بالانتقال والتحرك ، ومنها العراق فتم تشكيل خلية الازمة الا ان ما يثار من جدل حول العقود الملزمة لشركات عالمية ومشاريع ملتزمة بمدد زمنية صارمة ومسؤوليات يقابله خطر محدق لاستحالة التنفيذ وعدم تصريح حكومي واضح من قبل من بيده القرار .
قوة قاهرة أو ظرف طارئ أم عجز في التنفيذ أم أنه مدة ايقاف ام عجز تنفيذ مؤقت ، اذا ان المستجد على بعض المعاملات التجارية وعقود العمل والالتزامات المالية والضريبية.
دفع عدد من المؤسسات والشركات العالمية خاصة الصينية والأمريكية منها المتخصصة في مجالات مختلفة ، بوجود حالة (القوة القاهرة) من أجل التحلل من التزاماتها التعاقدية تجاه زبنائها وعدم أداء غرامات التأخير أو التعويض عن التأخير في التنفيذ أو عن استحالة التنفيذ ، وهذا ما بادرت به خلية الازمة بإعلانه قوة قاهرة إلا أن هذا تدارك أزمة أم خطآ في استخدام الصلاحية .
إذ أن اللجوء إلى حجة العجز عن التنفيذ والتي تيسّر عملية الفسخ . وإذا كان العمل الذي بموجب الظروف الطارئة التي تحول دون تنفيذ الأعمال او اللجوء الى دفع الغرامات إذا لم تكن العقود تلحظ القوة القاهرة كتبرير لفسخ العقد.
ان القانون العراقي سمح بتعديل العقد وفق نظرية الظروف الطارئة ( وهي الأقرب من ناحية التطبيق وتفادي الخسائر بشكل كبير نتيجة غاية تملص بعض الشركات من التزاماتها واتخاذ القوة القاهرة كذريعة لفسخ العقد خصوصا فيما يخص الشروط الجزائية ).
ان اعلان المنظمة العالمية بأن فيروس كورونا كوباء عالمي يتيح إلى الحكومة والمتمثلة بخلية الازمة بإعلانه قوة قاهرة (إلا أن القوة القاهرة في منظور صحي كون الظرف صحي غير متوقع وعلى مستوى عالمي وغير محدد المدة والأثر).
هذا وان خلية الازمة لم توقف التعاملات التجارية بشرط ان تكون بشهادة مصرح بها من جهة حكومية واستمرار التعاملات التجارية فقط وهذا ما يدعو الى التساؤل:
هذا ما يظهر في العديد من التعاملات ولقد عالج المشرع العراقي هذه الحالة ولو لم تكن بطريقة تفصيلية ودقيقة إلا أن المحكمة تتدخل لتعديل الالتزامات (للموازنة بين مصالح الأطراف) كما ورد في نص المادة ١٤٦ ثانيا من القانون المدني العراقي:
١- إذا نفذ العقد كان ملزما ولا يجوز لأحد العاقدين الرجوع عنه ولا تعديله إلا بمقتضى نص في القانون او بالتراضي.
٢- على أنه إذا طرأت حوادث استثنائية عامة لم يكن في الوسع توقعها وترتب على حدوثها تنفيذ الالتزام التعاقدي وان لم يصبح مستحيلا صار الدين مرهقا للمدين بحيث يهدده بخسارة فادحة جاز للمحكمة بعد الموازنة بين مصلحة الطرفين أن تنقض الالتزام المرهق الى الحد المعقول ان اقتضت العدالة ذلك ويقع باطلا كل اتفاق على خلاف ذلك.
وكذلك المادة ٨٧٨ قد عالجت انهيار التوازن الاقتصادي إذا أن السبب خارج عن ارادة الاطراف .
هذا وان ما يتبادر إلى الاذهان بأن المشرع في الفقرة الثانية اوجب ان تكن الخسائر فادحة ليتم تطبيق نص المادة المذكورة إذا كان الأمر مخالف لذلك فلا مجال لتطبيق النص المذكور فتلك الخسائر يتحملها احد المتعاقدين أما فوات الكسب فلا مجال للمطالبة به في ظل الظرف الاستثنائي وذلك لغياب النص .
وكذلك قانون تنفيذ العقود الحكومية رقم ٢ لسنة ٢٠١٤ في بند القوة القاهرة التي لا يد لكلا الطرفين بحدوثها وليس بالامكان توقعها او تلافيها من قبل طرفي العقد وقت التعاقد فأما أن يتم تسوية العقد بالتراضي بين الطرفين أن تجاوز مدة الظرف القاهر أكثر من ٦٠ يوما وإما أن يتم إبرام ملحق عقد يتم فيه احتساب مدد التوقيف القاطعة لاعمال العقد ومنح الطرف الثاني تعويضا ماديا وبنسبة لا تتجاوز ٢٠٪ من القيمة الكلية للعقد . وعد القوة القاهرة هو ظرف استثنائي لا يد للمتعاقد فيه .
وخلاصة الموضوع أن الأمر الوحيد المؤكد الذي سينتشر بسرعة انتشار الكورونا هو الدعاوى القضائية التي ستُقام على أساس تصنيف هذه الفترة بحسب ما ذكر أعلاه، والحد الفاصل هو قرار القضاء العراقي الذي سيقع على عاتقه تحقيق العدالة ومراعاة الظروف لكلا الطرفين .